ان الشعب يُشكل حجر الاساس في الحكومات غير المستبدة، اي الحكومات الشعبية، التي تستند على الشعب و تستمد قدرتها وسلطتها منه، فهو، في الحقيقة مصدر السلطات، فرؤية الامام الخميني (قدس سره)، تكمن في ان النظام المتعالي ينشأ من النظرية الاسلامية، وذلك عنصر اساسي في تكوين شعب ما. سماحته، لا تنحصر نظرته على مساحة محدودة او اطار محدود المعالم، بل وتشمل تشكيل امة اسلامية موحدة ووطن اسلامي كبير، ويركن الامام الخميني (قدس سره) في هذه الشمولية الى التعاليم الدينية الاسلامية القيمة، التي تستند بمضامينها على ما جاء في القرآن الكريم والاحاديث المروية عن النبي (ص) والأئمة الاطهار(ع)، حيث يصرح سماحته بـ: " لا سبيل لدينا ـ لتحقيق وحدة امتنا الإسلامية، واخراج وطننا الإسلامي وتحريرة من تحت سيطرة ونفوذ المستعمرين، والدول العميلة له ـ سوى بتأسيس دولة " للحفاظ على الوطن الاسلامي وعدم تشتته. (الحكومة الاسلامية، ص 57).
حسبما يراه الامام الخميني (قدس سره)، ان القومية دون ارتباطها وتعلقها بالقيم الاسلامية، لاتستطيع ان تحصل على مكانة لها.. وقد دل شعار "الله اكبر" خلال الثورة الاسلامية. على ذلك وكان أنذاك ذا تأثير بالغ على حركة الجماهير المسلمة وانخراطها في صفوف الثورة. قال الامام الخميني (قدس سره) في هذا المضمار:" وكل ما لدينا اليوم هو من صنع الشعب، هذا الشعب الذي أطلق نداء الله أكبر في كل مكان" (صحيفة الامام الخميني، ج13، ص 150).
على هذا الاساس، فان القومية والتعصب القومي او العنصري بمعناه اليوم، وكما ذكر الامام الخميني (قدس سره)، هو سبب وعلة شقاء المسلمين، وتعبير عن تنفيد مخططات المستعمرين. مشيراً الى ان العنصرية او القومية تؤدي الى مجابهة بين الشعب الايراني وباقي الشعوب المسلمة، قال: " من المسائل التي راح الاستكبار العالمي يثيرها ويدعو أذنابه وعملاءه للترويج لها، مسألة تشديد النعرات القومية" (صحيفة الامام الخميني، ج13، ص 158).
حيث اكد على اهمية الشعب وضرورة مراعاة حقوق الشعب، باستمرار، وان الامة هي مصدر انتصار النهضة، كما هي عنصر هام في بقائها، ايضاً، فقد ذكر الامام الخميني (قدس سره): "فالشعب هو الذي قام بالثورة وعلى الشعب أيضاً أن يقودها نحو الأمام" (صحيفة الامام الخميني، ج13، ص 96).
وحسبما يرى سماحته، ان قوة الشعب هي اعظم قوة عُرفت لحد الأن، وان تقييم الانتصار يعود الى قدرة هذا الشعب ويُقاس بميزانه، كان الامام الخميني(قدس سره) يعتقد، ان بامكان الشعب ان يكون مرشداً وسراجاً في طريق المثقفين، حيث يقول:" فعلى الشعوب في هذا الزمان أن تكون مشاعل نور على درب مثقفيها، وأن تنقذهم من العمالة للشرق والغرب والإنسحاق أمامهما، فاليوم يوم الشعوب وتحركها" (صحيفة الإمام الخميني، ج13، ص 161).
واردف مؤكداً على ذلك: " كسب رضا الناس من الأمور الضرورية .. والرسول الأكرم كان يعمل على كسب رضا الناس. كان يعمل على لفت أنظار الناس إلى الحق"(صحيفة الإمام الخميني، ج17، ص 204).
فالحكومة يجب ان تكون حاكمة على القلوب.. هذا هو ثمر استراتجية مراعاة الشعب والنزول عند مطالبه. ان احد المسارات المثمرة لمديرية الامام الخميني (قدس سره)، هو مسار تسخير قلوب ابناء الشعب، فقد كانت مديريته، مبنية على معيارين اساسيين، اي، محورية الله تعالى وامتلاك الحافز الالهي، ومراعاة حقوق الشعب والحكومة. ان هزيمة وفشل الحكومات التي يتبنى مسؤولوها الامر والنهي على الشعب، هي، نتيجة عدم وجود التفاهم المذكور، فالثبات والاستقرار السياسي ومديرية المجتمع، يرتكز على رضا الامة وعند ذكره لحكومة ومديرية الامام علي عليه السلام، وانه لم يكن فرقاً في حكومته، بين علي عليه السلام نفسه وسائر الناس، قال الامام الخميني (قدس سره):" لكن، لا ترى الحكومات نفسها منفصلة عن الناس. لا يكن الرؤساء هكذا، فيمضي كل منهم يبسط سلطانه أينما كان رئيساً، ويظهر رئاسته، ويرى الناس دونه، ويعاملهم بقوّة لا تلين. فهذه تكون أسباباً لأن ينفصل عنه الناس" (صحيفة الامام الخميني، ج8، ص 186).
وخلال توصية لرؤساء الدول الاسلامية، اوصى سماحته، بأن يتخذوا من ايران قدوة لهم، اي، ان تكون حكومتهم قائمة على حكم القلوب لا الابدان، حيث قال في ذلك: "أرى من الضروري أن أقدم لكم أيها السادة وأنتم رؤساء بعض الدول الإسلامية، هذه النصيحة. عليكم أن تسعوا لتحكموا على القلوب في بلادكم؛ لا على أبدان الناس فيها، والقلوب بعيدة عنكم" (صحيفة الامام الخميني، ج14، ص 143).